نحوك أعيُننا
إليك رفعت عينيَّ يا ساكنًا في السماوات ( مز 123: 1 )
تبدو في المزمور الحالة الروحية المرتفعة للمرنم. فهو لم يرفع عينيه إلى الجبال كما في مزمور121 وإنما إلى الله الذي أوجد هذه الجبال وأظهرها. وإذ يرفع المرنم عينيه إلى ساكن الأبد، ويتضع أمامه، يجد أنه معه ليُحيي روحه وقلبه المنسحق ( إش 57: 15 ). ألا يقودنا هذا نحن مؤمني العهد الجديد بأن نرفع أعيننا نحو السماء التي منها ننتظر المخلص الذي سيغيِّر شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده؟ وللمؤمن المتألم الآن أن يستنجد بالساكن في السماوات من هوان المستهزئين، عالمًا أن الساكن في السماوات لا بد أن يستهزئ بهم ( مز 2: 4 ).
«هوذا كما أن عيون العبيد نحو أيدي سادتهم، كما أن عيني الجارية نحو يد سيدتها، هكذا عيوننا نحو الرب إلهنا حتى يتراءف علينا» (ع2). فبعد أن يؤدي العبيد أعمالهم، وبعد أن تؤدي الجارية عملها يرفع العبيد عيونهم نحو أيدي سادتهم لينالوا خبز فريضتهم، وهكذا الجارية مع سيدتها، الأمر الذي نراه معنا نحن الذين ليس لنا سيد سوى الرب له المجد ( مت 23: 8 ). نرفع أعيننا نحو سيدنا لنأخذ منه ما نحتاجه في الطريق (الإرشاد ـ المعونة ـ الحماية). وحينما نرفع عيوننا نحو السيد العظيم يجب أن نرفعها وكلنا ثقة وإيمان بالرب الذي يستطيع أن يعطينا ما يعوزنا «الرب راعيَّ فلا يعوزني شيء» ( مز 23: 1 ).
وحتى لو تأنى الرب عن استجابة الطلب لا نقلق، بل «جيدٌ أن ينتظر الإنسان ويتوقع بسكوت خلاص الله» ( مرا 3: 26 ). ولا بد أن الرب يترآف علينا. فإذا كان قاضي الظلم الذي لا يخاف الله ولا يهاب إنسانًا أنصف المرأة (لو18) فكم يكون الرب الذي يعرف احتياجاتنا قبل أن نسأله! نعم إنه ينصفنا، وينصفنا سريعًا.
«ارحمنا يا رب ارحمنا، لأننا كثيرًا ما امتلأنا هوانًا. كثيرًا ما شبعت أنفسنا من هزء المستريحين وإهانة المستكبرين» (ع3، 4). نحن في حاجة ماسة في هذه الأيام الأخيرة إلى رحمة الرب له كل المجد. وعندما نطلب الرحمة بإيمان غير مرتابين، فإن الرب يستجيب لنا بكثرة مراحمه ( مز 69: 13 ). إننا بحق نحتاج مُلازمة رحمة ربنا لنا كل الطريق حتى نحظى بالرحمة النهائية عند مجيئه «منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية» (يه21).